السبت، 13 فبراير 2021

التجارة عن طريق الواتساب: قصة نجاح ربّة منزل في الهند

 


هذه المرأة التي سنخبركم بقصتها اليوم تبيعالساري“ (الزي التقليدي لنساء الهند) عن طريق تطبيق الواتساب الشهير ، ولقد تمكنت خلال ثلاث سنوات من بناء شبكة من البائعين الذين يزيد عددهم عن ٢٠٠٠ بائع وبائعة ؛ يشترون منها ازياءالساريويعيدون بيعها.


وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين ؛ ان استخدمتها بشكل صحيح فسوف تكافئك بشكل جيد.


هذا ما وجدته شانموغا بريا ، التي يناديها عائلتها واصدقائها ببريا، عندما بدأت في استخدام الواتساب لبيع الساري. في العام  ٢٠١٨ فقط، كانت قيمة مبيعاتها تعادل ال ٤٠٠ الف دولار امريكي. انها لم تصنع حياة مزدهرة لنفسها ولعائلتها فقط، بل ساعدت العديد من النساء الاخريات اللاتي كن يكافحن من اجل تأمين المصاريف عن طريق تحويلهن الى بائعات لبضاعتها.


تعيش بريا بالقرب من مدينة «شيناي» في الهند، وتبيع ما بين ٥٠ الى ٨٠ ساري في اليوم. اما خلال الاعياد والمهرجانات ، فقد يصل هذا العدد الى ما يزيد عن  ١٠٠ ساري في اليوم. 

تقول بريا انه في احد الاشهر التي كان فيها عيد «ديوالي» وصلت مبيعاتها الى ٢،٢ مليون روبية ، اي ما يعادل حوالي ال ٣٠ الف دولار امريكي تقريباً.

بينما في الايام العادية تتراوح المبيعات بين ١،٢ مليون و ١،٥ مليون روبية ، اي بين ال١٦،٥ الف و ما يزيد عن ٢٠ الف دولار امريكي.

بين العامين ٢٠١٦ و ٢٠١٧ بلغت ايراداتها ٢٤ مليون روبية ، اي ما يعادل ٣٣٠ الف دولار تقريباً.

تبقي بريا لنفسها هامش ربح يتراوح  بين ال ٧ و ال١٠ بالمائة للبضاعة التي تباع بسعر التجزئة ، اما التي تباع بالجملة فيكون هامش ربحها ٧ بالمائة وللبائعين الذين يعملون معها ١٠ بالمائة.


البداية


بدأت قصتها في العام ٢٠١٤، كانت بريا موظفة ، وكان لديها طفل تتركه في رعاية ام زوجها اثناء تواجدها في عملها. 

الا ان ام زوجها توفيت في ذلك العام ، واضطرت بريا الى ترك وظيفتها لرعاية ابنها الذي كان يبلغ من العمر وقتها ثلاث سنوات.

ولانها كانت بحاجة الى مصدر دخل ، استوحت فكرة بيع زي الساري من ام زوجها المتوفية ، والتي كانت تبيع هذا الزي كبائعة متجولة من منزل الى منزل ، حيث كانت تبيعه في القرى المجاورة.

تقول بريا ان ردة فعل الناس من حولها في البداية لم تكن ايجابية ؛ كانت تحمل معها حقيبة مليئة بالساري حتى عندما كانت تزور امها، وكان الناس يسألونها، لماذا تفعلين هذا؟

طبعاً تغيرت نظرتهم لمشروعها عندما نجح.


بعدها بدأت باستخدام الواتساب ، وكانت تراسل اصدقائها واقربائها فقط، وكانوا هم زبائنها الاوائل ؛ حيث باعت لهم عشرين ساري من خلال المجموعات التي تضمهم على الواتساب.

ثم انتشر الخبر ، وبدات نساء اخريات يشترون منها.


ثم بدأ عدد من الناس بسؤالها ان كانوا يستطيعون بيع البضاعة التي يشترونها منها.

ومن دون سابق معرفة ، بدأت تبني شبكة من البائعين والبائعات (في الواقع معظمهن بائعات) وصل عددهن الى ما يزيد عن الالفين.


بعدها قامت بعمل صفحة على منصة الفيسبوك مخصصة لمن يبيعون الساري عن طريق الواتساب ، يبلغ عدد البائعين على هذه الصفحة اليوم ما يزيد عن السبعين الفاً.


وهذا ليس كل شيء ، تدير بريا اليوم ١١ مجموعة على الواتساب ، ومن لا يستخدمون الواتساب تقوم بالتواصل معهم عن طريق تطبيق تيليجرام.


كما ان لديها فريقاً مؤلفاً من ثمانية اشخاص يقومون بتسويق الساري على مجموعة على الفيسبوك، والتي تأتي الطلبات من خلالها ايضاً.


اصبحت بريا تصنع الساري بنفسها ، واصبحت مورداً ذا سمعة جيدة ، ليس فقط بين البائعين في الهند ، بل وفي دول اخرى مثل الولايات المتحدة ، والمملكة المتحدة ، واستراليا.


كما توظف شركتها Unique Threads اثنين من النساجين ، الذين ينسجون الساري بحسب تصاميمها ؛ اذ تقول بريا انها قد تعلمت خلال السنوات القليلة الماضية ما هي البضاعة التي عليها طلب، وما هي الالوان المرغوبة. وبناءً على معرفتهاهذه ، تقوم بصناعة الساري ، مع التركيز على الجودة والالوان.


ارتفاع الطلب والنمو


عندما بدأ عملها بالنجاح قامت بتحويل الطابق الاول من منزلها الى مخزن (ذي مدخل مستقل) لكي يتمكن الزبائن من تفقد البضاعة بأنفسهم. لم تعد تبيع للافراد، ولكن ، كما تقول هي، احياناً يأتي الجيران والمعارف ، وعادة لا تقول لهم لا.


 ما ان تصلهم الطلبات حتى يبدأ فريقها بالعمل ، وفي كل مساء ، تحديداً في الساعة السادسة ، يتم اخراج الطرود والرزم.

تقول بريا: ”لقد تعاقدنا مع شركات مختلفة تعمل في مجال التوصيل واللوجستيات ، وذلك بناءً على خدمتهم وسمعتهم في المواقع الجغرافية المختلفة.“


التغلب على المنافسين


طبعاً مع ازدياد عدد البائعين في السنتين الاخيرتين كان على بريا ان ترفع من مستوى عملها.

لقد تعاملت مع المنافسين عن طريق ضمان ان تكون بضاعتها هي الاكثر جودة.

كما انها عاملت زبائنها بمرونة ؛ حيث اتاحت لهم اعادة البضاعة في حال رغبوا في ذلك.

والاهم من هذا، انها دعمت بائعيها مالياً ؛ حيث انها كانت تمهلهم الى ان يقبضوا ثمن البضاعة التي يبيعونها ثم يسددوا ثمنها لها.

هذا جعلهم يقدرون التعامل معها وجعلهم يعودون للتعامل معها دائماً ؛ حيث تقول بريا ان هناك من لا يزال يعمل معها منذ اربع سنوات.


بريا سعيدة جداً ، ليس فقط لانها تمكنت من ايجاد دخل محترم للانفاق على عائلتها (هذا بالاضافة الى دخل زوجها ايضاً الذي يعمل مديراً لقسم الجودة في احدى الشركات المتعددة الجنسيات، والذي يدعمها ويدعم عملها هو الآخر)، بل ولانها ايضاً تمكّن النساء الاخريات وتدعمهن ليكن مستقلات مالياً عن طريق بيع الساري من المنزل ، حتى يتمكن من تقسيم وقتهن بين العمل والعائلة.


دروس مستفادة


١.ابحث عن ما هو مطلوب وليس ما هو دارج

سبب اعتماد البائعات الهنديات على تطبيق الواتساب هو ان السكان في الهند ، الذين يقطنون خارج المناطق التي يسكنها ابناء الطبقة الراقية الذين يتحدثون اللغة الانجليزية ويسكنون في المدن ، يفضلون الشراء من الناس مباشرة على الشراء من موقع الكتروني.

بالمناسبة ، هذه ليست قصة النجاح الوحيدة من هذا النوع في الهند ؛ فهناك نساء يبعن المأكولات والمنظفاتالخ، ويستخدمن تطبيق الواتساب لذلك.


طبعاً هن لا يسعين لكسب المليارات من هذه الاعمال ، ولكن هذا ما يحتاجه الناس بالفعل وما هم مستعدون لدفع المال من اجله. الاعمال لا تعيش على ما هو دارج لفترة مؤقتة فقط.


٢.انظر حولك!

لا تحمل اي من هؤلاء النسوة اية شهادات، ولسن عضوات في مجتمعات لخريجي  الجامعات المرموقة، ومع ضغط العمل وحاجات اطفالهن واسرهن ؛ لا تملك هؤلاء النسوة وقتاً لمشاهدة الفيديوهات التحفيزية.

بدلاً من كل ذلك، يستغللن ما لديهن ، ويتحدثن مع من حولهن من الناس، ويصلن الافكار ببعضها ، وفي النهاية يحققن النتائج التي قد لا يستطيع تحقيقها من يريدون ان يصبحوا رياديي اعمال من طلبة وخريجي الجامعات.


٣.قد لا تبدو الافكار الرائعة برّاقة

دائماً ما نقول لانفسنا اننا ان اردنا ان نبني عملاً او منتجاً فمن الضروري ان يكون جذاباً وفخماًالخ ، مثل الشركات التقنية الكبيرة ، يجب ان نبني موقعاً مثل فيسبوك ، او خدمة مثل نيتفليكسالخ.

ولكن فلنتذكر انه حتى الافكار التي نعدها افكاراً عبقرية اليوم ، لم تكن لها اي جاذبية عند بدايتها ، حتى الواتساب نفسه ، لقد بدا سخيفاً في بدايته.


٤.انت لا تحتاج المال لبدء العمل - بل تحتاج الى تحريك مخيلتك

حسناً، قد لا يتفق الجميع على هذا؛ فكم مرة اجلنا مشاريع لاننا نظن اننا غير مستعدين لها؟ (ولا استثني نفسي من ذلك).

فقط لان المشروع يحتاج الى موقع الكتروني قد يكلف آلاف الدولارات ، او لاننا سنحتاج الى ميزانية للاعلان حتى نحصل على زبوننا الاول.


في الكثير من الاحيان يكون هذا بسبب خوفنا من الفشل ، ولكن فلننظر الى هؤلاء النساء الهنديات ، ربات المنازل ، لقد بدأن اعمالهن من الصفر ، من دون اي موارد تذكر. لقد بدأن بالحصول على طلبات من الناس الذين يثقون بهن ، ومن هذا قمن بتوسيع اعمالهن. 


تابعونا


في حال اعجبتكم المقالة نتمنى القيام بمشاركتها مع من تحبون.

كما نتشرف ايضاً بمتابعتكم لنا على صفحتنا على الفيسبوك ، وفي حال كنتم تفضلون منصات اخرى ، فيمكنكم متابعتنا على تويتر و انستقرام.