الأربعاء، 17 فبراير 2016

لا نملك المال لتوفير مياه الشرب لمواطنينا , ولكننا نملك المال لدعم اسرائيل!



هذا مقال مثير للاهتمام فعلاً نشره موقع US Uncut, فهو لا يظهر فقط مقارنة من نوع جديد ؛ الا انه ايضاً يظهر مدى التصدعات المتفشية في المجتمع الامريكي.

بدأ المقال بعرض مشكلة تعاني منها مدينة فلينت Flint الواقعة في ولاية ميتشيغان شمال الولايات المتحدة الامريكية. المشكلة تتلخص في ان هذه المدينة الصغيرة ,  والتي تعد من افقر المدن الامريكية , لا تستطيع توفير مياه الشرب لسكانها (تخيلوا , في الولايات المتحدة الامريكية! اكبر اقتصاد في العالم ).

المشكلة بدأت عندما قررت بلدية المدينة تحويل مصدر مياه الشرب للمدينة من الشبكة الرئيسية لمدينة ديترويت العملاقة , الى النهر القريب من المدينة). الا ان الملوحة العالية لمياه النهر تسببت في ارتفاع مستويات الرصاص في مياه الشرب , مما ادى الى تلوثها واصابة العديد من سكان المدينة بالتسمم.

اخفت بلدية المدينة هذه المصيبة عن السكان مدة تسعة اشهر! الا ان انكشف الموضوع , وعندها اعلن حاكم الولاية حالة الطوارئ في المدينة المنكوبة.
قدرت بعض الاطراف المبلغ المطلوب لحل هذه الازمة بحاولي الاربعمائة مليون دولار , ومع ان الحكومة قد وعدت بتوفير ما يزيد قليلاً عن العشرة ملايين دولار , الا ان الازمة لاتزال تراوح مكانها, لا بل ويصر اعضاء الكونغرس ذي الاغلبية الجمهورية (اعضاء الحزب الجمهوري) , على ترك هذه المسألة للمجتمع المحلي (اي لبلدية مدينة فلينت وولاية ميتشيغان) لكي يقوموا بحلها بأنفسهم.

وهنا يسأل كاتب المقال ساخراً : نحن لا نملك 400 مليون دولار لمساعدة اهل فلينت , ولكننا نملك 50 مليار دولار لمساعدة اسرائيل؟!

ومن اين اتى الرقم 50 مليار؟

يشرح كاتب المقال (والفيديو في آخر المقال) ذلك بأن اتفاقية المساعدات العسكرية لاسرائيل (والتي تساوي ثلاثة مليارات من الدولارات سنوياً) ستنتهي في العام 2017, وعليه فتطالب اسرائيل باتفاقية جديدة ترتفع فيها المساعدات السنوية الامريكية الى 5 مليارات دولار! وذلك ثمناً لتوقيع الولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية للاتفاق النووي مع ايران!

وبدلاً من ان يسخر المسؤولون الامريكان من هذا الطلب الاسرائيلي , دخلوا معهم في مفاوضات جادة حول الموضوع!

يتساءل كاتب المقال عن السبب ؛ فلماذا لايهرع المسؤولون والنواب في الكونغرس لانقاذ ابناء وطنهم بينما لا يتأخرون ابداً عن اسرائيل؟!

يجيب كاتب المقال بنفسه عن هذا السؤال قائلاً بأنه , وبعكس سكان مدينة فلينت , يتبرع مؤيدوا اسرائيل من اصحاب المليارات بملايين الدولارات للحملات الانتخابية السياسية كلما جرت في الولايات المتحدة.

ويضرب امثلة على ذلك منها الملياردير Sheldon Edelson والذي انفق عشرات الملايين من الدولارات على حملة المرشح Mitt Romney, لانه احس بأن الرئيس الامريكي اوباما كان "رقيقاً" جداً عندما يتعلق الامر بمساعدة اسرائيل.

اما عندما سئل المرشح الجمهوري للرئاسة الامريكية , ماركو روبيو Marco Rubio, عن مدينة فلينت , اجاب بأن دور الحكومة الاتحادية محدود جداً , الا في حالة وجود مسألة تمس السلطة الاتحادية , اما فيما يخص دعم اسرائيل, فيقول "ان هذه ليست صفقة عقارات يتخاصم فيها طرفان حول المال. انه صراع لتأمين مستقبل اسرائيل."

ليس غريباً ان نسمع هذا من روبيو , فأكبر متبرع له هو الملياردير نورمان برمان Norman Barman , والذي قدرت تبرعاته بمبلغ يتراوح بين 10 الى 25 مليون دولار. يجدر بالذكر ان ذات الملياردير قد قام سابقاً بتمويل مستوطنة في فلسطين المحتلة بالرغم من عدم قانونية المستوطنات بحسب القانون الدولي.

وأخيراً , يقول كاتب المقال ساخراً : "لو ان سكان مدينة فلينت قاموا بجمع 20 مليون دولار ثم تبرعوا بها الى احد المرشحين في الانتخابات , لربما قام احد في العاصمة واشنطن بالاهتمام بالمسألة."

عدة اسئلة تجول في خاطري عندما اقرا مثل هذه المقالات :

اين هي تلك الدولة التي يحلم الكثير من شبابنا بالهجرة اليها؟
اين هي تلك الدولة التي تتفاخر بانها تعطي مواطنيها كامل حقوقهم مكفولة , وها هم سكان احدى مدنها لايعانون من الفقر المدقع فحسب , بل لا يجدون حتى الماء النظيف للشرب, وكأنهم في دولة نامية , بل متخلفة!

هل يجب ان نتوقف ولو مؤقتاً عن لوم حكوماتنا وعن مقارنتها بحكومات الدول الغربية.
اترك التعليق لكم.

هذا هو رابط المقال الاصلي:


وهذا رابط لمقال يتحدث عن ازمة مياه الشرب في مدينة فلينت:


ولاتنسوا متبعتنا على صفحتنا على الفيسبوك (اضغط هنا للوصول الى الصفحة).