الأحد، 9 ديسمبر 2018

كلام في سلسلة الكتل: ما هي سلسلة الكتل وكيف تعمل؟

سلسلة الكتل بلوكتشين سلاسل الكتل Blockchain


لا بد انكم تسمعون هذه الكلمة او احدى مرادفاتها كثيراً: سلسلة الكتل، سلاسل الكتل، البلوك تشين. ما هي سلسلة الكتل؟ ولماذا كل هذه الجلبة وكل هذا الكلام والنقاش حولها؟
سنحاول في هذا المقال تقديم شرح مبسط قدر الامكان لسلسلة الكتل وطريقة عملها (مع تحفظنا على الترجمة، وسنوضح السبب بعد قليل) مع شرح امور اخرى تتعلق بها في مقالات لاحقة.

ننوه قبل ان نبدأ اننا لن نتحدث في هذه المقالة عن العملات الرقمية او المشفرة، والتي صحيح انها تعتمد على تقنية سلسلة الكتل ، الا ان هذه التقنية ليست حكراً عليها؛ بل ان لتقنية سلاسل الكتل الكثير من الاستخدامات الاخرى التي سنحاول .الحديث عنها في مقالات لاحقة.

مثال من الواقع


فلنبدأ بافتراض حالة تتكرر كثيراً في حياتنا اليومية ؛ احدهم ، ولنقل ان اسمه سامي، بحاجة لمن يقرضه مبلغاً من المال ، ولنقل مائة دينار.
اتصل سامي باخيه رامي ، الذي يعمل خارج البلاد ، وطلب منه اقراضه المبلغ المذكور اعلاه.
وافق رامي، وفوراً ذهب الى المصرف لتحويل المبلغ الى اخيه سامي.
يقوم موظف المصرف وقتها باخذ بيانات رامي وسامي وارقام حساباتهماالخ ، ومن ثم يصدر الامر بالحوالة.

حالة عادية تتكرر كل يوم وفي جميع انحاء العالم. ولكن بالنظر مرة اخرى الى ما حصل سنجد
ان الاخوان  قد اعتمدا في هذه الحالة على طرف ثالث لاتمام عملية تحويل النقود ؛ في هذه الحالة الطرف الثالث هو المصرف.

ما المشكلة في وجود طرف ثالث مثل المصرف طالما ان درجة الثقة بالمصارف عالية؟

ان الاعتماد على المصرف في تحويل المال يترتب عليه اولاً دفع رسوم للتحويل ، ثانياً اعطاء المصرف سلطة على اموالنا ، وعندها يمكن ان مثلاً للمصرف ان يستغل المبلغ الذي حوله رامي لاخيه سامي وبالتالي يقوم بتأخير الحوالة عن سامي لفترة من الزمن في الوقت الذي يكون فيه سامي في امس الحاجة للمال.
يمكن ايضاً ان يرتكب موظف المصرف خطأً ، او يمكن لصاحب المصرف ان يسرق المال ويهرب من البلاد (مع ان هذا من النادر ان يحدث الا انه قابل للحدوث) ، هناك احتمالات كثيرة ، ولكن السؤال : ماذا لو توفرت طريقة دفع مباشرة بين الاخوين سامي ورامي دون الحاجة لطرف ثالث؟ فلنفترض هذا ولنكمل قصتنا بطريقة مختلفة.

نظام بديل


هذه المرة قرر الاخوان سامي ورامي استدعاء اصدقائهم عادل و سمير و فوزي وقرروا جميعاً بناء نظام خاص بهم للحوالات المالية (حيث انه من الصعب بناء مثل هذا النظام بين طرفين فقط ولو كانوا اخوة ؛ قد يطمع احدهما مثلاً).

النظام سيعمل كالتالي:
 سيكون لكل من المشتركين الخمسة ورقة خاصة به ليسجل فيها عمليات التحويل التي تتم بين اي طرفين من افراد المجموعة.
فمثلاً ، اذا اراد رامي ان يرسل لسامي ١٠٠ دينار كما فعل سابقاً ، فعليه ان يعلن هذا للمشتركين الاربعة الباقين ، وسيقوم الجميع بمن فيهم رامي بتسجيل عملية التحويل على الورقة الخاصة به:

رامي ارسل الى سامي ١٠٠ دينار.

وهكذا ستكون الحال عند كل عملية تحويل ، الى ان تمتلئ الورقة ، ولا يعود هناك فراغ فيها لتسجيل اي عملية تحويل اخرى.
هنا، عند امتلاء الورقة ،  يتحتم على الجميع ختم اوراقهم (بعد التأكد مرة اخرى من صحتها) وارشفتها، لكي يتم بعدها اخراج ورقة اخرى فارغة والبدء بتسجيل الحوالات.  ولكن كيف يتم ذلك؟

ختم الورقة يعني ان محتواها صحيح وان احداً من افراد المجموعة الخمسة لم يقم بالتلاعب بمحتواها او بتسجيل اي عمليات خفية لصالحه او ما الى ذلك.
كوننا نتحدث بالارقام فالافضل ان تتم عملية الختم عن طريق عملية حسابية.
بالتالي ، يتفق افراد المجموعة على رقم ثابت يجب ان ينتج عن جمع عدد من الارقام الى مجموع المبالغ المسجلة في الورقة.
فلو فرضنا ان مجموع المبالغ التي تم تحويلها هو ١٠٠٠ (الف) دينار ، وان افراد المجموعة قد اتفقوا على ان المجموع الكلي (للمبالغ المحولة بالاضافة الى ارقامالختم“) يجب ان يكون ١٠٠٠٠ (عشرة آلاف) في جميع الاحوال.
بالتالي ، يجب ان يأتي احد افراد المجموعة برقمين او اكثر بحيث يكون الناتج عند جمعهما مع ال ١٠٠٠ هو ١٠٠٠٠.
كان اول من وصل الى الارقام المطلوبة هو فوزي، اذ قام بجمع ٥٠٠٠ + ٤٠٠٠ + ١٠٠٠ وكان الناتج ١٠٠٠٠ كما هو مطلوب. عندها، اعلن فوزي للجميع ان الارقام المطلوبة هي ٥٠٠٠ و ٤٠٠٠ و قام الجميع باضافتها لمجموع المبالغ المحولة المسجلة على ورقة كل واحد منهم.
من حصل منهم على المجموع ١٠٠٠٠، كانت ورقته سليمة وقابلة للختم وللارشفة ، اما من حصل على مجموع مختلف ، فهذا يعني ان لديه مشكلة ، فمن الواضح انه قد ارتكب خطأً في تسجيل عملية او اكثر ، وسواء كان الخطأ متعمداً ام لا فان عليه ان يتلف ورقته وينسخ احدى الاوراق السليمة من احد زملائه ، هذا طبعاً ان سُمح له بالاستمرار مع المجموعة.

اما فوزي ، فسيحصل على مكافأة قدرها ٥ دنانير ، كونه اول من وصل الى الارقام المطلوبة للتأكد من صحة الاوراق وختمها قبل ارشفتها.

ما علاقة كل هذا بسلسلة الكتل؟


اعلم، قد يبدو الامر بعيداً بعض الشيء عن موضوع سلسلة الكتل ، الا انه ليس كذلك ؛ فما ذكرناه اعلاه يوضح المبدأ الذي تعمل به سلاسل الكتل بشكل غاية في البساطة ، العملية في الواقع رقمية وتلقائية وفيها تفاصيل كثيرة ، وبالتأكيد لن يكون فيها اوراق.
كما ان طريقة استخراجالختملن تكون بهذه السهولة ، عدا عن عمليات التشفير وفك النشفير المعقدة.

فلو اردنا التحدث بلغة سلسلة الكتل ، وقياساً على النظام الذي اتبعه الافراد الخمسة (سامي ورامي ورفاقهم):
 فستمثلالاوراقفي هذه الحالة ما يسمى بال Blocks والتي اشتق منها الاسم Blockchain الذي تمت ترجمته الىسلسلة الكتلباللغة العربية ، كونها سلسلة من ال Blocks المترابطة مع بعضها البعض (وهنا يأتي التحفظ على الترجمة ؛ فالمقصود بكلمة Block هنا هو مجموعة من عمليات التحويل  ، وليس كتلة بمعناها الفيزيائي مثلاً).

في كلورقةهناكعمليات تحويلمسجلة ، وفي عالم سلسلة الكتل تسمى هذه العمليات بال transactions ، وهي كلمة تعنيالحوالاتاوعمليات التحويل“.

الاوراقالتي يتم التأكد من صحتها تجري ارشفتها في ارشيف او سجل. وفي عالم سلسلة الكتل يقابل هذا الارشيف ما يسمى بال Ledger ، وهي كلمة تعنيالسجلاودفتر الحسابات“.

في النظام الذي شرحناه كان فوزي هو من استطاع ايجاد الارقام التي استخدمت في عمليةختمالورقة ، ولكن في عالم سلسلة الكتل هناك اجهزة حاسوب تقوم بهذه الوظيفة ، وهي في الواقع تقومبتخمينمفاتيح التشفير التي تستخدم لتأكيد سلامة الكتلة ، او ما يسمى بعملية ال Validation. طبعاً هذه عملية معقدة يصعب شرحها هنا.
ولتقريب فكرة عمل هذه الاجهزة ، والتي تسمى ال Nodes وهي كلمة تعني العُقَد (مثل العُقَد في شبكة من الخيوط) ؛ فكروا بعمل مدقق الحسابات، الذي يحصل على اجر مقابل تدقيق حسابات محل او شركة ما.

الجهاز الذي يصل الى مفتاح التشفير الصحيح اولاً يحصل على مكافأة تلقائياً (مثل ما حصل فوزي على خمسة دنانير). هذه المكافآت تسمى ال Tokens وهي كلمة ذات معاني عدة منهاالعملة الرمزية“ (ربما هذا هو المعنى الاقرب في حالة سلاسل الكتل) او العربونالخ. 

اما عملية التخمين وايجاد الارقام او الرموز بقصد الختم فهي ما يقابلها عملية التعدين Mining في عالم سلاسل الكتل، ولهذه العمليات اشكال وبدائل عدة تختلف من سلسلة كتل الى اخرى.

لماذا يجب ان نهتم؟


هذا ما سنوضحه في مقالات قادمة. فامكانيات استخدام هذه التقنية في المجالات المختلفة لا يمكن حصرها ، سواء للربح المادي ، او لغير ذلك ،  والمجال لا يزال مفتوحاً للمزيد من الافكار والابتكارات.

لا تنسوا متابعتنا على صفحتنا على الفيسبوك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق